الرئيسيةاخبار الاصلعيد الأضحى… بقلم ناهد سويلات
اخبار الاصل

عيد الأضحى… بقلم ناهد سويلات

 

ما أجمل تلك الابتسامات في يوم العيد! وما أحلى تلك العبارات بالتهنئة ليوم العيد! وأعتقد أن أجمل من ذلك كله صفاء القلب، ونسيان المواقف، والتغافل عن العيوب والأخطاء والتسامح بين الأفراد والناس فالعيد رحمة وبر وتقوى وتواصل وصلة أرحام حثها الله تعالى في كتابه وأيضا حثها رسولنا الكريم في الأحاديث النبويه الشريفه.
نعم، أيها الأخ ويا أيتها الأخت.. لعل بعضنا قد حصل معه خلاف مع صديق أو أخ أو قريب، أو زوجة أو ولد أو أخت أو غيرهم.
ولعل الشيطان قد ملأ القلوب أحقادًا، وأسكن الأرواح حسدًا وبغضاءً، ولكن ومع بداية أول يوم في هذا العيد لمَ لا نعفو عن الخطأ ونسامح ونرحم فان رحمنا من في الارض يرحمنا من في السماء لما لا ننسى الذنب القديم أو أي خطأ أرتكبه أحدهم بحقنا لم لا نسامح ذلك الذي اعتدى علينا أن كان بيده أو لسانه ونحسن إليه {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]؟فالنفوس الكبيره العظيمه هي التي تقدر على التسامح فالله عز وجل أمرنا بالعفو والتسامح .
يا تُرى هل نقوى على ذلك؟ أعتقدُ أنك قادر مع إشراقة هذا العيد أن تملأَ قلبك حبًّا وعفوًا ومسامحة لكل الناس، وخاصةً لمن آذاك، وهكذا كان الأنبياء.
ولعل موقف يوسف -عليه السلام- مع إخوته يكون نموذجًا لك في هذا اليوم، فقل لمن أخطأ معك أو أساء إليك: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].
العيد أيامٌ تعود في ذات الزمان من كلِّ عامٍ وسنة؛ وهي في ديننا مقصورةٌ على الفطر والأضحى كعيدين سنويين، وعلى الجمعة عيدنا الأسبوعي العظيم.
ومن لوازم العيد التي تعودنا عليها ومقتضياته الفرح والاجتماع بالاصدقاء والاهل وصلة الارحام والانسلاخ من الثارات والإحن. ومن سمات العيد سمو وصفاء النفوس وتكاتف المحسنين على إخفاء معالم الفقر والبؤس في هذه الأيام السعيدة بإغناء المحتاجين وإزالة عوزهم؛ حتى لا يتخلفوا عن جماعة النَّاس ولا تفوتهم مباهج العيد ومسراته في صورة مثالية من المسؤلية الاجتماعية حيث علينا المسلمون ان ننظر لاخواننا الذين ربما لا يملكون ثمن رغيف الخبز في هذه الايام المباركه فيجب ان نساعد قدر الامكان بحيث يكون العيد للجميع والفرح وادخال البهجه الى القلوب البائسه بهذا اليوم العظيم عيد النحر حيث ان هذا العيد عيدا من اعظم اعياد المسلمون وأحبه الى الله تعالى بحيث اختبر الله سبحانه وتعالى سيدنا ابراهيم عليه السلام باعز ما يملك وهو ولده اسماعيل عليه السلام حيث امره الله بذبحه فلم يتردد لحظه واحده عن أمر ربه وكان عبدا مخلصا لله تعالى فنظر اليه الله بعين الرحمة والرضا وارسل اليه كبش الفداء الذي ارسل من السماء فداءا لسيدنا أسماعيل عليه السلام وتقديرا من الله تعالى لاخلاص سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام
أنَّ العيد عبادةٌ وتعبيرٌ عن السعادة بتمام الطاعة، وسؤال القبول من الربِّ الكريم. أعيادنا شرعت لذكر الله وشكره وتكبيره وحمده؛ فهي أنسٌ بالله وفرحٌ بدينه مع ما فيها من جوانب دنيوية وقد شرعت الاعياد في الاسلام لمقاصد عاليه وعبر وحكم من الله سبحانه وتعالى فالعيد فرصه للترويج عن النفس والفرح والبهجة وتقويه الروابط الاجتماعيه بين الناس وصلة الارحام بزيارة الأقارب والأهل فالجميع بهذا اليوم المبارك يجتمعون ويعايدون بعضهم البعض بفرح وسعادة..
وهناك سنن وآداب وصّى بها رسول الله في الاحتفال بالأعياد.
فمن الحكم التي شُرعت من أجلها الأعياد في الإسلام أن تكون فرصة للترويج عن النفس من هموم الحياة، وشُرعت الأعياد أيضًا لتكون فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية ونشر المودة والرحمة بين المسلمين. وشُرعت الأعياد لكي نشكر الله تعالى على تمام نعمته وفضله وتوفيقه لنا على إتمام العبادات والطاعات ونعمه الكثيره التي لا تعد ولا تحصى للانسان
وتكون فرحة العيد بالتوفيق في أداء الفريضة؛ فالذين يصومون لهم الحق أن يفرحوا بالعيد؛ لأنهم أدوا فريضة الصوم، والذين يحجون لهم أيضًا أن يفرحوا؛ لأنهم أدوا فريضة الحج.
وربط العيد بأداء الواجب -وهو معنى سامٍ- يختلف عن المناسبات الدنيوية، فالإسلام سما بمعنى العيد، وربط فرحة العيد بالتوفيق في أداء الفرائض؛ ولذلك فإن العيد يُعدُّ من شعائر العبادة في الإسلام حيث أن الله تعالى جعل مقاصد وحكم من أعيادنا وتربية للنفس البشريه وتعليمها حق العبادات والطاعات ويليها الفرح والبهجه بهذه الطاعات التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى فالدين الأسلامي تربيه للنفس وموعظه من الله تعالى فقد أمرنا الله تعالى بالطاعات والعبادات ومن ثم الاعياد والفرح بهذه الطاعات والعبادات..
وإذا كان القرآن الكريم قد نهى عن لون من الفرح يشير إلى التكبر والأنانية والاستعلاء على خلق الله وقطع الصلة بهم، كما في حالة قارون {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76]؛ فهذا فرح لا يحبه الله، ومن شأنه أن يحول بين صاحبه وبين الناس محبة وتواصلاً؛ فكذلك أمر الله بالفرح برحمته وفضله، ومنها التوفيق للطاعة التي من أجلِّها التواصل بين الناس عمومًا وأولي الأرحام منهم على وجه الخصوص فقد عودنا الرسول الكريم على وصل الارحام وهناك عده احاديث نبويه بهذا الخصوص فصله الرحم من الاشياء الاساسيه في الدين الاسلامي وحثها الله سبحانه وتعالى والرسول صل الله عليه وسلم ايضا في أحاديثه النبويه الشريفه.
فالأعياد في الإسلام لم تُشرع من أجل مجرّد الفرح، وإنما شُرعت لكي تستكمل حلقة البر والتقوى في المجتمع الإسلامي، فإذا كان البر والتقوى في الأيام العادية عادة فردية، ففي أيام الأعياد يصبح البر والتقوى قضية اجتماعية؛ لقول النبي مطالبًا الأغنياء بألاّ يتركوا الفقراء لفقرهم: ” لذلك يجيب على الغني بهذا اليوم المبارك ان ينظر الى اخيه الفقير ليشعره فرحه وبهجه العيد الله سبحانه وتعالى جعل العيد فرحه للصغير قبل الكبير للفقير قبل الغني فرحه الطاعات والعبادات وصله الارحام يليها فرحه العيد والبهجه والرويج عن النفس البشريه بهذا اليوم المبارك من الله تعالى
والإسلام لم يسن الأضحية ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم، ولكن ليشبع الفقراء من اللحم الذي ربما لا يذوقونه طوال أيام السنة، ولعل الآية التالية تؤكد على إعلاء شأن العبادة إذا أثمرت سلوكًا نافعًا لأصناف الناس جميعًا وإلا تصبح الصلاة والصيام وغيرها من الشعائر عبادات جوفاء لا تؤدي المعنى الاجتماعي التي من أجله فُرِضت. يقول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[البقرة: 177].
يشمل جميع ألوان ذوي الحاجات، فلم يترك طبقة من الطبقات إلا وشملها هذا الفيض من رحمة الله؛ فالمجتمع لا يعيش إلا بهذا التراحم. هذا ما دعا إليه الإسلام وما استُهدف من معنى “الإيعاد”، فليست الأعياد مناسبة للمبالغة في الأفراح الطائشة أو إحياء التقاليد الموروثة أو انتشار البدع فللعيد قواعد شرعها الاسلام وعليه أن يفرح الجميع بهذا اليوم المبارك الغني والفقير وجميع طبقات المجتمع وحث الدين الاسلامي على مساعدة الفقراء من خلال الاضاحي ليشعر الجميع فرحه وبهجة العيد وتدخل الفرحه جميع القلوب بهذا اليوم المبارك الذي شرعه الله تعالى.
فالعيد في منهج الإسلام بهجة وفرحة وسرور وشكر لله على التوفيق لأداء فريضة الصيام أو الحج. وواجب المسلمين في هذا اليوم التزاور والتراحم بينهم وبين بعضهم البعض، ومراعاة الآداب التي وضعتها الشريعة الإسلامية للاحتفال بالعيد ومراعاة حرمات الله تعالى؛ فلا يجوز أن يكون يوم العيد يوم حزن أو همّ بالبكاء والندب على الراحلين، على القبور بينما الأحياء متقاطعين لا يصل بعضهم بعضًا فالواجب الديني لاعياد الاسلام هو الترابط وصلة الارحام وصلة المتقاطعين الذين لا يصلون بعضهم البعض من اخوة واخوات واقارب.
كما أن الأعياد لم تُشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات الأخلاقية والإنسانية ليكون العيد موسمًا للمباراة في مظاهر السفه والترف وإنفاق المال في غير موضعه، والخروج عن كل معقول ومقبول من سلوكيات الإسلام وآدابه وجمالياته المعنوية والحسية من مساعدة للمحتاج وبر الوالدين وصلة الأرحام والتواصل بين الناس الاهل والجيران والاقارب فالعيد تواصل أجتماعي بين جميع الناس
تجديد الأواصر وتمتين الروابط

وعن أثر العيد في تجديد الروابط الإنسانية فإن الله -سبحانه وتعالى- تكرّم على عباده المؤمنين بأن شرع لهم الأعياد، ففي العيد تتجلى السلوكيات الطيبة والأخلاق الحميدة فيسارع الناس إلى تبادل التهاني بقدوم العيد، ويتصالح المتخاصمون وتنعقد مجالس الحب والتراحم والمودة، وتزول الأحقاد من النفوس فتتجدّد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف فالعيد تقارب اخوي اجتماعي وديني وفرص للتصالح مع النفس والخلق وحل النزاعات والخلافات بين الاهل والاقارب والاخوه والاخوات وكل متخاصم فالعيد فرصة التصالح والتحابب والتواصل ونزع الحقد والكراهيه والغيرة والبغضاء من القلوب ونجعلها قلوبا صافيا نقيه متقاربه من الله تعالى كما حثنا في ديننا الحنيف الذي يدعو الى التسامح والرحمه والمغفره فالله سبحانه وتعلى يغفر الذنوب جميعا فمن نحن كي لا نسامح..
و العيد فرصة نفسية كبيرة ومدخل اجتماعي عظيم لكسر ما سببته شواغل الحياة عن القيام بواجب صلة الأرحام والتواصل مع أولي القربى؛ فقد مر زمن كريم كانت زيارة الأهل والأقارب شيئًا شبه مقدس، تعلَق بالقاطع أو المقصّر في هذا الحق معرّة لا تنفك عنه حتى يكون من الواصلين.
إن زيارة الأقارب وصلة الأرحام، لهي سبب دخول الجنة وحصول الرحمة. قال نبينا : “من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصلْ رحمه” (رواه البخاري). وللزيارات والرحلات العائلية في العيد شعور له مذاق خاص في تجمع الأهل سويا أن كان في طعام واحد وأجتماع واحد فكل هذا يربي في النفس الرحمه والصله والتواصل بين الأفراد
تكنولوجيا الصلة والتواصل

إذا كان لكل زمان مخترعاته وإفرازاته التقنية والحديثه والتي تنعكس سلبًا وإيجابًا على سلوك الناس وتعاملاتهم، كما حدث فيما سُمِّي بعصر “الآلة التكنولوجيا ، وما أفرزه ذلك من قيم اجتماعية جديدة؛ فكذلك حدث مع ما ظهر من مخترعات اختزلت من سلوك كثير من الناس قيمة الأشياء، سلبت منها مضمونها؛ ففي زمن “العولمة” الذي بدّلت قيمه الحديثة ما كان مقدسًا في السابق..
من هذا تلك الثورة الهائلة والمتسارعة في عالم “الاتصالات”، فمن “تليفون فقط وكان لضروريات الحياة ويشكل جزءًا من المسؤوليه والضروره في كل بيت، إلى الهواتف النّقالة القابضة والاي باد للاب توب التي أصبحت من ضروريات ومستلزمات وأولويات الحياة فهي بايدي الجميع أيدي طلاب المدارس وأيدي الأطفال هذه التكنولوجيا التي كان لها اثر و كان من شأن هذه الثورة في عالم الاتصال إلى إحداث حالة من الخمول الاجتماعي والتراخي الإنساني في مجال صلة الأرحام، والذي كان يمثل الانتقال من مكان إلى مكان، بل من بلد إلى بلد لزيارة الأقارب -بما فيه من جهد بدنيّ وماديّ- فرحة نفسية كبيرة للزائر والمزور على السواء.
وجميل أن تكون وسائل الاتصال حاملة لأصوات الناس عبر الأثير تهنئة وسؤالاً واطمئنانًا، لكن قد لا يغني الاتصال -بهذا الشكل- عن التواصل بتغبير الأقدام والانتقال لزيارة الأهل والأقارب والتواجد بينهم إحياءً لتعاليم الإسلام أولاً، والعودة بأيام العيد -مرة أخرى- إلى أيام الزمن الذي عشناه نحن وأبائنا وأجدادنا فعلينا أن تكون العلاقات الأجتماعيه والتواصل وجها لوجه وليس فقط عبر وسائل الاتصال والمواقع الأجتماعيه وأن علينا أن لا ننسى أن مجتمعنا يجب أن يبقى مجتمعا راقيا محافظا واصلا للناس برؤيتهم وتواجدنا بينهم وجها لوجه
يحرص الإسلام على بناء مجتمعٍ قويٍّ قادرٍ على مواجهة التحدِّيات والأزمات المختلفة، مجتمع حضاري راقٍ، يرحم القويُّ فيه الضعيفَ، ويعطف الغنيُّ على الفقير، ويعطي القادرُ ذا الحاجة. كما يحرص على بناءِ مجتمعٍ أخلاقيٍّ متقاربٍ ومتحابٍّ ومتعاونٍ على الخير وفعل المعروف، ومن ثَمَّ جَاءَ بمنهجٍ رائع في بناء المجتمع البشريِّ كُلِّه، وجَعْل كل فرد فيه متعاونًا مع غيره على الخير العام، مُغِيثًا له حال الحاجة والاضطرار.
إن قيمة التكافل بين الناس، وخُلُقَ إغاثة الملهوف من الأمور التي لا يقوم المجتمع المسلم إلا بها، إنها قيم إنسانية اجتماعية راقية، وقد سبق الإسلام في تطبيقها على أرض الواقع سبقًا بعيدًا، فكانت النماذج الرائعة في الصدر الأول من الإسلام خير مُعَبِّرٍ عن هذا الخُلُق الكريم. ولقد سلك التشريع الإسلاميُّ لتشجيع المسلمين على التمسُّك بذلك الخُلُق طُرُقًا متنوعة، واتَّخذ وسائل متعددة؛ ذلك لأنه دين عمليٌّ يربط الفكرة بالعمل، كما يربط أيضًا النظرية بالتطبيق، وليس مجرَّد خيال يداعب أحلام المصلحين. ومن ثَمَّ كانت هذه الوسائل التي اعتمدها الإسلام في ترسيخ هذا المعنى ابتداءً في أذهان المسلمين، ولذلك أيضًا جاءت النصوص متوافرة، تؤكِّد هذا المعنى وتعضِّده.
كما كانت أخلاق رسول الله تطبيقًا عمليًّا للعمل التكافليِّ والإغاثيِّ، ومن هذه الوسائل ربط الإنفاق في سبيل الله بأعياد المسلمين، وذلك في عيدي الفطر والأضحى، وهما عيدان عظيمان للمسلمين يأتيان بعد عبادات عظيمة أيضًا؛ فعيد الفطر يأتي بعد شهر رمضان المعظم وأداء فريضة الصيام، وعيد الأضحى يأتي في نهاية العشر الأوائل من ذي الحجة مع كل ما فيها من أعمال الخير، وخاصة لأولئك الذين يؤدون شعيرة الحج؛ فيأتي الحث على الإنفاق في هذه الأعياد كنوع من الشكر على أداء هذه العبادات العظيمة، وخاصةً أن نفوس المسلمين تكون قد هُذِّبت في هذه الأيام الفاضلة، فيسهل عليها الإنفاق والعطاء.
ولا يكتفي التشريع الإسلامي بالحض على الإنفاق بصورة مطلقة هكذا، ولكن يقننه في صور محددة تجعل المسلم حريصًا كل الحرص على أدائها، وبذلك لا يضيع حق الفقراء في المجتمع، ولا يتسرب الغل والحسد إلى قلوبهم. وهذا -لا شك- ينعكس على سعادة وأمن واستقرار المجتمع؛ ففي عيد الفطر يفرض الله عز وجل على المسلمين أن يدفعوا زكاة الفطر للفقراء والمساكين، فيقول ابن عباس رضي الله عنهما: “فرض رسول الله زكاة الفطر؛ طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمَةً للمساكين، مَنْ أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”.
وقد فرضها الشرع على كل المسلمين المالكين لما يزيد عن قُوتِهِم وقوت أولادهم يومًا وليلة؛ وهذا يعني أنّ جلّ المسلمين يستطيع أداءها، وبذلك يشترك المجتمع المسلم كله في عملية العطاء هذه، ويظللهم فيها كلام الرسول الذي يرقِّق قلوبهم ويحثهم على الإنفاق؛ حيث يقول: “أغنوهم في هذا اليوم”، يقصد الفقراء. ويقول أيضًا: “أغنوهم عن طواف هذا اليوم”، أي عن البحث عن الصدقة والعطايا.
سن الأضحيه أحد موارد التكافل الأجتماعي.
أما في عيد الأضحى فإنه يُسَنُّ لهم سُنّة الأُضحية، وتُعَدُّ الأضاحي أحد موارد التكافل الاجتماعي؛ حيث يتمُّ التوزيع منها على الفقراء والمساكين، والتوسعة عليهم وإدخال السرور على قلوبهم بإطعامهم من لحومها في يوم العيد، قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. وعن أبي جعفر الطبري، عن الربيع قال: “إذا صلَّيْت يوم الأضحى فانحر وحثَّ النبي في أحاديثه على الأضحية، فبيَّن فضلها وثوابها العظيم عند الله؛ فعن عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا”.
ثم قدَّم القدوة والمثل للمسلمين وضحَّى بكبشين أملحين أقرنين؛ واحد عن نفسه، والآخر عن أُمَّتِه، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: “ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْن أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا
فمن عظمة الشريعة أنها حثَّت على الأضحية في هذا اليوم، فهذا يوم عيد لدى المسلمين، ولا يجب أن يَشعر الفقير فيه بالحاجة والعَوَز؛ لذلك كان توزيعها يحمل في جوهره تكافلاً تفيد منه الجماعة ماديًّا وخُلُقيًّا؛ فعن ابن عباس أن النبي قال في الأضحية: “… وَيُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَّالِ بِثُلُثٍ”
وذلك ليتحرَّى المسلم في احتفاله بالعيد عن ذوي الحاجة والبائسين من أقاربه أو مواطنيه، فينضح عليهم من معين برِّه، ويخفِّف عنهم ألم حرمانهم، ويُشرِكهم في فرحة العيد ومناسبته السعيدة، وبذلك أيضًا يَشعر الفقراء أنهم من الجماعة، لهم عليها أن تتذكَّرهم وترعاهم، فيُجدِّد الفقراء حبَّهم للأغنياء، وثقتهم بهم، والتفافهم حولهم، كما يُجدِّد الأغنياء وفاءهم وودادهم لأحبائهم وأقاربهم المحتاجين.والأضحية بهذا ثمثِّل رافدًا قويًّا من روافد التكافل الاجتماعي، وتَزيد من أواصر التقارب والتآلف بين أفراد المجتمع المسلم.
وهكذا ربط الإسلام أعياد المسلمين بتقوية العلاقة بين أفراد الأمة، وإبراز روح التكافل والتعاون، وما أسعد مجتمعًا عاش بهذه القيم! وما أعظم جزاءه عند الله عز وجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *