الرئيسيةاخبار الاصلقراءة في رواية الكاتبة تركية صلالحه
اخبار الاصل

قراءة في رواية الكاتبة تركية صلالحه

 

 

ليس من السهل كتابة رواية ، فالرواية تتطلب من الكاتب نفس طويل ، وصبر، وتحتاج عدة مقومات كي تنجح كرواية من أهم ما تحتاجه الرواية يرأيي ككاتبه طبعا فلست بناقدة ، أن تكون أحداثها مشوقة ، وحوادثها واقعية تعكس واقع مجتمعنا ، وقد وجدت في رواية الكاتبة تركية الكثير من التشويق والواقعية ، كما لمست جرأة في طرح المواضيع ، وهذا يحسب لها ولصالحها.
عادة حين أبدأ بقراءة أي كتاب ، قد يشدني بمجرد قراءتي الصفحات الأولى فأتابع قراءته بمتعة متناهية ، وقد لا يشدني ولا يحوز على اهتمامي، فأغلقه بمجرد قراءة بعض الصفحات .
أما بالنسبة لرواية امرأة بلا وجه ، فقد شدتني الكاتبة منذ البداية وأثارت حب استطلاعي لمتابعة أحداثها الشيقة .
في بداية الرواية تحكي لنا الكاتبة عن عائلة عانت من قسوة الأب الذي عانى بدوره من سادية والده وزوجة والده فانعكست معاناته على أولاده ، وكانت القسوة والسادية موروثة من الوالد ومكتسبة من الخالة زوجة الأب  حيث مارس الظلم على عائلته ، وخاصة على الوالدة .

وهنا تبدأ بطلة الرواية بالتساؤل : إلى متى سنبقى عبيدا لقسوة أجدادنا ؟
فيولد ( مونولوج ) حوار ذاتي بين عقل البطلة ونفسها ، أختصر الحوار بجملة رائعة حيث يقول العقل : من لا يتمرد على الظلم يكون حليفه !!

تتطرق الكاتبة لقضايا اجتماعية موجعة منها قصة الوالدة التي تأخرت في الحمل فعانت من لوم المجتمع وكأنها مذنبة بتأخرها بالولادة .
فقيل ” شجرة لا تثمر حلال قطعها “
وكأن المرأة وضعت في مرتبة الشجرة وهذا إنقاص من مكانة المرأة واتهام مباشر لها في عدم فائدتها وكأن دورها مقتصرا على كونها جسد وجد ليلد لا غير ..

ومن جهة أخرى تصف الكاتبة مشاعر الأم التي تأخر جنينها بالقدوم فتقول :
لا يوجد نور أشد سطوعا وأقوى لمعانا من نور يبعثه جنين داخل أحشاء عانت الظلمة !

في مرحلة ما تخاطب البطلة والدتها وتحثها على الكف عن الإنقياد لسادية الجد والجدة .
فتخاطبها قائلة : تجرئي …. ارفضي … قولي لا ولو مرة واحدة ..

وفي مكان آخر نجد فريد الأخ الذي رفض قرار والده بإجبار اخته على الزواج من شاب لا تحبه حيث خاطبها بصوت متحدٍ: قاومي ، يافريدة لا ترضخي لشرائعهم الظالمة، حتى لو سيكلفك ذلك عمرك .
قرارهم هذا بمثابة انتحار لنا ! نحن نجني أخطاء وجشع غيرنا ،وقد ولدنا لنعيش حريتنا.
أتوا بنا إلى الحياة كي نرى النور، وليس لنعيش الظلمة .
هنا نجد الكاتبة وقد أنصفت الرجل حيث اعتدنا بأغلب الأحيان بأن أكثرية الكاتبات تصفن المرأة بكل الحالات على أنها مظلومة وتصفن الرجل بأنه الظالم ولكن ، هنا نجد بأن الكاتبة أنصفت الرجال حيث خلقت شخصيات ظالمة جدا ، وأعطت مثالا جميلا قويا للرجل المنفتح المؤمن بحق المرأة بقول كلمة لا وبحقها بتقرير المصير والمقاومة ، وذلك الأمر تجلى كذلك باختلاف العمر والجيل ، فاظهرت الجيل الشاب كجيل لا يقبل الظلم والتبعية ولا يرضخ للأمور المسلم بها .

في قصة أخرى تكتب عن قصة شاب وفتاة ، حيث تحمل ماريا من شاب اسمه وليد، فينفجر الخبر كبركان داخل العائلة خاصة وأن الفتاة من طائفة أخرى ، فيرتبك الجميع ويدخلون بشبه متاهة .
هنا تنقل  لنا الكاتبة مدى رهبة الأم مم سيقوله الناس عنهم ؟
وهي تنقل لنا بالفعل واقع  مجتمعنا بأغلب الأحيان حيث لا يتضامن مع من يقع بمصيبة أنما يساهم في صب جام عتبه ، وتشفيه بصاحب المصيبة لدرجة أننا كأفراد تهون مصيبتنا مقابل ما سيقولنه عنا ويصبح خوفنا وتفكيرنا منحصرا بم سيقال وليس بالموقف نفسه .
حيث تقول أم وليد: ماذا سيقول أهل الضيعة ؟؟ يا خجلتي منهم …. كيف سأتحمل ثرثرة نساء القرية ؟؟
وهنا تظهر مأساتنا كمجتمع يتميز غالبية أفراده بالالتجاء للنقد واللوم والتشفي وإلقاء التهم بمجرد وقوع حدث سلبي كمصيبة ..

في الكثير من المواقف رسمت الكاتبة صورا طبيعية ووصفت جمال المكان بذلك الزمان الذي كانت تقع فيه بعض أحداث الرواية ، لدرجة أنها تجعلنا ننتقل كقراء للمكان الموصوف بخيالنا فنشعر وكأننا نعيش جمال الصورة المرسومة ، وذلك ليس غريبا على ابنة قرية بيت جن ، حيث ولدت وعاشت في قرية تعتبر من بين أجمل المناطق في بلادنا ، فطبيعة هذه القرية تحث الكاتب على الإبداع ، وليس غريبا أيضا بأن هذه القرية تميزت بكثرة كتابها وأدبائها الذين برزوا على الساحة الأدبية .

وهذه لوحة رائعة من رسم الكاتبة حيث نقلت بقلمها ملامح المكان من خلال الكلمات : كنت أسمع رقص جداول المياه بين الصخور ، تعزف لحن الفرح والسعادة .
وكأن الأزهار من حولنا انبثقت من قلب الطبيعة فبدأت القلوب تحكي وتشكي ما صادفها من غليان وقهر في فترة الحرمان ..

عندما بدأت بقراءة الرواية ، حاولت أن أقتبس أجمل ما في الرواية فوجدت الكثير مما يمكنني أن اقتبسه فقد تميزت الرواية بصور جميلة ، وتصوير مشاعر محزنة حد الوجع ، ومواقف إنسانية ، وقضايا وقصص اجتماعية عديدة عانى مجتمعنا ولا زال يعاني منها حتى يومنا هذا، ولكني أكتفي بإلقاء الضوء على ما تناولته هنا ، وأترك الرواية لتصل لأيديكم أيها القراء ،  لعلكم تعيشون بدوركم أحداث هذه الرواية التي أعتبرتها بدوري جيدة جدا ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *