الرئيسيةاخبار الاصلصمت المصباح .. بقلم المستشار د . نزار نبيل الحرباوي
اخبار الاصل

صمت المصباح .. بقلم المستشار د . نزار نبيل الحرباوي

غريب أمر المصباح ، غريب بصمته ، غريب بحجم النور الذي يصدر عنه دون صوت .

ألا ترون معي أن النور الصادر من المصباح صامت ، ولكنه في عتمة الليل يبدد الظلام ، ويبعث على النور والطمأنينة ، ويشيع جواً من الدفء في الأنحاء .

في عالمنا العربي ، نسمع هذا الصخب الداوي، هدم وتدمير ، قتل وجراح ، ثكالى ويتامى ، وتتقرح أكبادنا حسرة وألماً كلما تابعنا نشرة أخبار أو سمعنا عن أحوال الناس في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا واليمن ونحوها ، لنتيه في بحر من العواصف الحمراء الدامية ، ونغرق في ضباب الواقع وعتمة اليأس .

هنا ، هنا تحديداً يأتي دور المصباح ، ويتجلى أثر النور الصامت ، وهنا يدرك المجتمع حاجته للنخب الواعية ، وتدرك هذه النخب مسؤوليتها تجاه حاضرها ومستقبلها ، فإما أن تتقد وتشعل من نفسها مصباحاً ، وإما أن تنحى منحى الخوف والدبلوماسية المقنعة فتنسف أحلام الأجيال اللاحقة .

وفي عتمة هذا الواقع ، نتساءل بصدق ، من يشعل نفسه ؟ لا بالحرق بل بالنور ، من يعلق الجرس ويقول أنا لها ؟!!

لا أريد أن أجلد النفس بذكر تقصير من سبقنا ، ولا أريد أن أخدعكم بكثرة الكلمات التي تحتوي على ( يجب ، ينبغي ، علينا أن ، لا بد من …) فما ضعنا وما ضاعت البلاد والعباد إلا بعد أن اهتممنا بتزيين الجُمل والعبارات ونسينا أن نجمّل واقعنا ومستويات تفكيرنا ووعي المجتمع الذي يحتضننا.

نحن اليوم – أيها الكرام – نحتاج إلى تكامل أصحاب العقول ، وتفاعل النخبة في المجتمع بصورة سريعة وعقلانية ، بحاجة أن يلتقي نور المصباح الصغير مع نور المصباح الصغيرالآخر، فمن تخصص في علم ، ومن اكتسب خبرة ، ومن يملك المال ، ومن بيده نفوذ ، ومن يستطيع الحشد ، ومن يملك القدرة التخطيطية ، وصاحب المؤسسة الإعلامية ، ونحوهم، هم من يمكن لهم أن يصبحوا مشاعل الضياء المتلألئة والمتلاقية من أجل تشكيل نواة النور الصامت ، ليتوسع حجم انتشار النور الصادر عنهم إلى اتجاهات ومجالات أخرى تزيد من مساحة النور في نفق الظلمة الذي نعيشه.

المسؤولية فردية هنا أكثر منها رسمية ، فعلى هؤلاء أن يبادروا بأنفسهم ليجتمعوا ولو على كوب من الشاي ، ليتحدثوا وليتعارفوا وتنقدح أذهانهم بالأفكار الخلاقة حتى ولو لم يحبوا بعضهم ، فهم مسؤولون أخلاقياً عن مجتمعاتهم ، وهم مسؤولون أمام محكمة التاريخ إن قصروا وفرطوا وأضاعوا.

ألا تتفقون معي أن قليل النور يعني الأمل ؟! فكيف ببقع النور لو انتشرت في مساحات واسعة متفرقة ، ألا يزيد ذلك مساحة الأمل لدى الشعوب المقهورة والقلوب المتعاطفة ؟

السؤال هنا : من يبدأ ؟ وكيف تكون البداية ؟ والجواب البسيط : البداية بك أنت ، فابدأ بما تستطيع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *