الرئيسيةاخبار الاصلرسالة الى فتاة عربية مجنّدة: لنبعث البِشر في نفوس الناس هادي زاهر
اخبار الاصل

رسالة الى فتاة عربية مجنّدة: لنبعث البِشر في نفوس الناس هادي زاهر

 

نَشرت الصُحف أن “الأب جبرائيل نداف” قام  بزيارة تهنئة لمُجنَّدة من
إحدى قرى الشمال، وكنت قد وجهت رسالة للأب نداف كي يستخلص العبر من
التاريخ ومن تجربة الطائفة الدرزية مع السلطات الإسرائيلية لكنه لم يقبل
النصيحة وهذا شأنه، واليوم أوجه رسالة إلى تلك الفتاة، أقول لها ربما
استطاعت السلطات الإسرائيلية اقتلاع الشعور القومي من كيانك كما حدث مع
شريحة من أبناء طائفتي ولكن ماذا مع الشعور بالانتماء إلى الإنسانية؟ هذا
الشعور الذي يتناقض كليًّا مع الحروب التي تلزم المُحتل على ممارسة اقسى
درجات العنف بكل تفرعاته.
هنا سنلقي الضوء على دور المجند، قبل الدخول إلى الموقف المبدئي، سأعود
وأقول بان السلطات استطاعت إيهام البعض بان أداء الخدمة في الجيش سيضمن
الحصول على الحقوق، هم يلعبون على الانتماء الديني وسيكون ممجوجًا إذا
تحدثنا عن قريتـَي “إقرث وكفر برعم” المسيحيتين، وإذا قلنا أن السلطات
ضاعفت مظالمها على الدروز الأمر الذي دفع بسلطاتنا إلى المطالبة
بمساواتنا مع باقي سلطاتنا المحلية العربية، علمًا بان هناك قانونًا يقضي
بمساواة الدروز مع المواطنين اليهود، “والكذبة التي ما بتعجبك خذ غيرها”
وسيكون ممجوجًا إذا قلنا بان التجنيد أدى إلى أن نكون من اضعف الشرائح إن
لم نكن أضعفها من الناحية العلمية والاقتصادية.
وعودة إلى الموقف المبدئي.. هل تعلمين بأنك ستكونين شريكة في الجريمة
سواءً كانت بشكل مباشرَ أو غير مباشرَ؟
هل تعلمين يا ابنتي.. لقد خرجت الكلمة تلقائيًا ربما لأني في جيل والدك،
اصغر أو أكبر قليلًا، خرجت لأني شعرت بعطف وحنان الأب ذلك لان أناملك لم
تخلق لتحشو الرصاص في مشط البندقية.. أناملك لم تخلق كي تصفع عجوزًا على
الحاجز، أو كي تجرد صبية من ملابسها بحثًا عن مواد متفجرة.. أناملك خلقت
كي تمارس الفنون الجميلة.. كي ترسم لوحة معبرة عن واقع الحياة لتسعد
المشاهد بحبكتها الفنية الراقية، ولترسم لوحة أخرى لتعبر عن واقعنا المر
ولتبث رسالة تحث فيها الناس على العطاء.. أناملك خلقت كي تترجمك بأحلى
وأروع صورة.. كي تفجر طاقتك الإنسانية الكامنة في أعماقك بدلًا من أن
تفجر الذخيرة التي تقتل الناس.. بدلًا من أن تطلق رصاصة لتردي طفلًا
فلسطينيًا كان عائدًا من المدرسة؟ أناملك لم تخلق لقلع المزروعات وخاصة
أشجار الزيتون المباركة، ولا لتسرق المياه من باطن الأرض.. ولا لإبعاد
أصحاب الأرض الأصليين.. أناملك لم تُخلق لتحمل مظلة فوق رأس المستوطنين
الذين يعيثون في الأرض فسادًا.. أناملك لم تخلق لسرقة  الموارد الطبيعية
من باطن الأراضي المحتلة.. أناملك يا حبيبتي خلقت لتعزف معزوفة تبعث
البِشر في نفوس الناس وهنا أذكرك بالعازف البطل “عمر زهر الدين” الذي
يُسجن للمرة السادسة لأنه يرفض الاشتراك في الجريمة.
أذناك يا ابنتي خلقت كي تستمع إلى زقزقة العصافير وهي تُغرد سعيدة لتنشر
البهجة في الأجواء، لا للاستماع إلى أزيز الرصاص وصوت القنابل.. وصوت
جنازير الدبابات وهي تسحق متضامنة أجنية قدمت من بلاد الله الواسعة بعد
أن دفعها حسها الإنساني المرهف كي تحمل قسطًا من حمل هم من يتعذبون..
أذناك خلقت للاستماع إلى صوت فيروز وهي تغني من كلمات جبران (قصيدة)
المحبة.

عيناك خلقت لتتكحل بمشاهدة جمال الطبيعة الساحر، للاستمتاع بهذا الجمال،
لتبث إلى حسك الفرحة بهذا الجمال الذي يزيد من سعادة الإنسان لنتذكر وديع
الصافي وهو يغني بصوته الصافي “جنات عَ مد النظر  ما بنشبع منها نظر” هذه
الجنات التي يبغي الاحتلال تدميرها تمهيدًا لسلبها فلا تكوني شريكة في
تنفيذ أطماعه.
قلبك الخفاق يجب أن يعزف بنبضه المتواصل سيمفونية الأخوّة والسلام لنشر
السعادة والهناء، سيمفونية الأمل بغدٍ مشرق بعيدًا عن الحصار والاعتداء،
لا  ليتدفق حقدًا وضغينة على من يريدون الحياة. وقدماك لم تخلق للبس
(البسطار) الذي يدوس على رقاب أصحاب الأرض الذين يبغون الحصول على حريتهم
للعيش كباقي خلق الله.. قدماك لم تخلق للدوس على بطن امرأة فلسطينية حامل
لتجهضها على الحاجز.. قدماك خلقت كي تتجولي بحرية مستمتعة بهذه الحرية
التي هي حق للجميع فلا لتمنعيها عمّن يبتغيها.
وفقك الله وأنار طريقك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *